الإعلامي التونسي و المحلل السياسي توفيق المثلوثي ” تونس في منحدر خطير اليوم مجهول المصير”

حاورته نوال .ثابت / ميديا ناو بلوس

 

قال الإعلامي التونسي  و المحلل السياسي  توفيق المثلوثي في حوار خص به “ميديا ناو بلوس”، بأن تونس في منحدر خطير اليوم مجهول المصير.

ووصف قفزة الرئىس التونسي قيس سعيد “بالقفزة نحو الخراب” بعد رغبة هذا الأخير، في تغيير النظام السياسي في البلاد.الأمر الذي سيكون بمثابة الصدمة الكبيرة لجميع التونسيين، يقول توفيق المثلوثي.

و حمل محدثنا جميع الأحزاب السياسية بمختلف أطيافها على رأسها النهضة مسؤولية ما حدث في ظل تقاعس هذه التشكيلات و عدم إكتراثها بالشعب التونسي منذ ثورة الياسمين لسنة 2011 .

•تعد تونس منارة أمل للتحول الديمقراطي في العالم العربي، بعد قصة نجاحها في ثورة الربيع العربي ، فإلى أين تتجه الأوضاع اليوم في البلاد بعد هذه الأزمة السياسية؟

أولا، أنا لا أسميها أزمة سياسية و إنما إنقلاب سلطوي لشخص لا يفهم معنى السياسة و لا إدارة الدولة و لا شؤونها، و لا مصالح الوطن، و هو متطفل بأتم معنى الكلمة على جميع الشؤون العامة و السياسية.

و نحن اليوم في منحدر خطير جدا لا أدري إلى أين سيؤدي بتونس بعد مباشرة حملة التوقيفات غير مبنية على قرارات قضائية أو على أوامر جزائية واضحة.

و إنما  إرتكزت على  مجموعة فرق تنزل على بيوت بعض الشخصيات أو الأشخاص المعروفة من أجل إعتفالها من دون أي أسباب.و هو ما يعد بالأمر الخطير الشبيه بأفعال الديكتاتورية التي لا تمت بأي صلة لإنسان يرغب في تصحيح مسار الديمقراطية كما يدعي.

وأكبر دليل على ذلك، توعد الرئىس بتوقيف جميع الفاسدين، لكننا للأسف كل ما نراه اليوم هو حملة توقيفات تطال نواب البرلمان فقط.

• إذن أنتم تضمون رأيكم إلى بعض الخبراء الذين وصفوا قفزة الرئيس التونسي قيس سعيد “قفزة في المجهول”، فهل هي حقا كذلك؟

هي أكثر من المجهول لمن لا يعرف قيس سعيد ، لكن في الحقيقة هي ليست قفزة في المجهول و إنما قفزة نحو الخراب و كل ما يريده قيس سعيد هو تغيير النظام السياسي.

لأننا بإمكاننا أن نلوم عليه في الكثير من الأمور و لا يمكننا أن نتجاهل تصريحاته خلال فترة الحملة الإنتخابية. و التي لم ينتبه لها الناس كثيرا لأنها كانت معقدة و لا تهم الوضع مباشرة، حيث قال ” أنه ضد النظام السياسي الديمقراطي التمثيلي و ضد المؤسسات و ضد  النخب و هو مع الديمقراطية المباشرة من الشعب.

و الشعب يريد و هو ينفذ فهو لا يريد لا وساطة لا عن طريق البرلمان و لا عن طريق أي لجنة إنتخابية .

و هو بصدد الإعداد إلى إستفتاء شعبي من أجل  تغيير النظام في تونس تغييرا جذريا.  و ستكون صدمة كبيرة للتونسيين . فليتربصوا قليلا لكي يروا خطوات هذا الإنسان الذي هو في الحقيقة يطبق تعليمات الكتاب الأخضر للقذافي.

• نلاحظ اليوم تباين في ردود فعل الشارع التونسي، فمنهم من يراها خطوة مليئة بالأمل بعد عام من الصراعات السياسية داخل البلاد ، و منهم من يشكك في هذه الخطوة من الناحية الدستورية و يخاف من زعزعة الإستقرار في تونس، فكيف تترجمون أنتم ذلك؟

إذا كنت تقصدين بالشارع ذلك المتعلق بالرأي العام التونسي ، فأنا معكي لأن الرأي العام التونسي و بالبرغم من إنقسامه حاليا إلا أن أغلبيته مع هذه الحركة اللادستورية الذي قام بها قيس سعيد لأنهم رفضوا كل السياسيين منذ مدة طويلة.

و سبق و أن نبهت لذلك في العديد من اللقاءات منذ 2014،  الشارع التونسي أو الرأي العام التونسي أو الشعب التونسي قد كره و سئم كل هذه الحكومات و هذه الشعبوية و جميع هذه الحروب السياسوية و هو يريد حراكا حقيقيا يغير حياته على الواقع و يقلل من أسعار نفقاته اليومية مع تحسين وضعه الإجتماعي و هذا لم يحدث منذ ثورة 2011 إلى يومنا هذا.

فأنا أتفهم غضب الشارع التونسي و أستقبله بكل إرتياح كونها الحقيقة،لأن الأحزاب السياسية بكل أطيافها من “النهضة” إلـى “قلب تونس” كلها مساهمة في الخطيئة و عدم الإكتراث بمعاناة الشعب و اليوم يدفعون الثمن.

لكن هذا الموضوع لا يجب في الحقيقة أن يكون موضوعا مبدئيا ليؤثر على المناخ السياسي في المنطقة إذا لم يتم إيقاف هذه الخزعبلات القيسية في أسرع وقت ممكن لأنها قد تؤدي بنا إلى إضطرابات رهيبة .

و ما يؤسفني هو أن بعض أطياف اليسار الرافض للهوية العربية الإسلامية يساعد اليوم قيس سعيد بنفس الطريقة التي ساعد بها بن علي في بداياته ضد التيار الإسلامي، إلى أن أصبح حينها ظلم بن علي يشمل الجميع إسلاميين و يساريين.

و اليوم نعيش اللحظات نفسها بوجود مجموعة من النخبة التونسية يسايرون قيس سعيد في خزعبلاته و هؤلاء سيدفعون الثمن .

•في السياق ذاته، بخصوص حركة النهضة سنعرج على التصريحات الأخيرة لرئيسها راشد الغنوشي الذي قال “مستعدون لأي تنازل و الإنقلاب سيفشل و لا شرعية لحكومة لا تمر بالبرلمان”، محذار في الوقت نفسه من غضب الشارع التونسي، فما الذي تفهمونه من هذه الرسالة؟

لقد أضاع الغنوشي فرصة ثمينة و من المفروض أن لا يتكلم اليوم راشد الغنوشي بهذه اللهجة التصعيدية لا مع الإتحاد الأوروبي حيث يهدد بفتح الهجرة غير شرعية و لا بأن يقول بأنه مستعد للقيام بتنازلات لأنه تنازل إلى أقصى حد ممكن منذ بداية الثورة و أنا أعتقد أنه هو أول من إنقلب على الثورة بالتنازلات و بعدم تسليط العقوبات على مجرمي نظام بن علي.

فالإفلات من العقاب هو نتيجة لخيارات الغنوشي، و هو مسؤول بالدرجة الأولى على ما يحدث اليوم و الغنوشي هو  من أعطى العصا لقيس سعيد و أمثاله ليضرب بالنهضة و بالحياة السياسية.

فالنسبة لي لو كان لراشد الغنوشي ذرة من الفهم السياسي و من الوعي و من الوطنية عليه أن ينسحب من الساحة السياسية لأنه هو من أوصلنا إلى ما نحن فيه اليوم.

 

 

 

 

اترك تعليقا