الإنتخابات الرئاسية الأمريكية : د. يوسف شهاب “الديمقراطية الأمريكية هي الضحية الأولى لتصرفات الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته”

حاورته نوال.ثابت / ميديا ناو بلوس

 

 قال الدكتور، يوسف شهاب، أستاذ العلوم الجيوستراتيجية والتنمية الدولية بجامعة السوربون بباريس، في حوار خص به موقع “ميديا ناو بلوس” بأن الديمقراطية الأمريكية هي الضحية الأولى لتصرفات الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، و نمط الإقتراع الأمريكي الغريب في حد ذاته داخل دولة ديمقراطية كبيرة كالولايات المتحدة الأمريكية. وأكد محدثنا أن السيناريو الأكثر توقعا، هو إفراز الرئيس الأمريكي الجديد من صناديق الإقتراع وليس من المحكمة العليا.

كيف تترجمون تصرفات ترامب استباق الإعلان عن فوزه؟ ألا يعد هذا إعلان حرب على الديمقراطية الأمريكية؟

تصرف دونالد ترامب بهذه الطريقة هو أنه لا يريد التخلي عن السلطة بمفهوم مباشر ويعتقد أن اللجوء إلى قرارات المحكمة العليا وإلى إعادة فرز الأصوات مع خلق نوع من الضجيج، فهو ليس فقط خرق للأصول وإنما هو في حد ذاته إنتهاك للديمقراطية. وترامب يعلم جيدا بأن وصول الديمقراطيين إلى الحكم سيغير الكثير من الأمور التي بنى عليها ترامب عقيدته السياسية، ومن ناحية أخرى فهو يستغل نمط الإقتراع الأمريكي الذي يعد غريبا نوعا ما بالنسبة لديمقراطية كبيرة كأمريكا، حيث يتم استخدام العديد من أساليب التصويت، عن طريق البريد العادي، والإلكتروني، المباشر عبر صناديق التصويت، وكل هذه المتناقضات تجعل من الديمقراطية الضحية الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية. هذا نمط لا يفرز الشرعية و إنما يخلق نوع من التوتر و يضع المخرج السياسي في مستنقع المحاكم و ربما قد يستغرق ذلك أياما وأسابيع، وهذا ما يخشاه الكثير من رجال الأعمال وأيضا العديد من الدول الكبرى في العالم، بحكم أن أمريكا لها وزن ثقيل في صناعة القرارات الدولية. وبالتالي فترامب، يلقي بكامل قواه، فقد فهم بأنه انهزم وخير دليل على ذلك يوم الخميس 5 نوفمبر لم يتحرك و لم يخرج باستثناء تغريدة واحدة على تويتر قال فيها “يجب وقف التصويت” هذا يعني أنه بدأ يفهم أن الفارق جد كبير بينه وبين بايدن من 214 إلى 264 يعني 50 صوت، شيء كبير، ولكن بغض النظر عن هذا فنمط الإقتراع عن بعد يخدم الحزب الديمقراطي عكس الإنتخابات السابقة.

• هل سيكون القضاء ساحة المعركة الجديدة بين ترامب وبايدن للفصل في نتائج الإنتخابات الرئاسية؟

في الظرف الحالي، المحكمة تسجل ملاحظات وشكاوي، ولا تزال تنتظر ما تفرزه صناديق الإقتراع، سيكون الحسم من حيث فرز الأصوات إذا وصل جو بايدن إلى سقف 270 ناخبا كبيرا، فربما سيحسم الأمر من الناحية السياسية و الديمقراطية و قد تصادق الهيئات المركزية لمراقبة الإنتخابات على انتصار بايدن على ترامب.

ولكن إذا كان الفارق ضئيل جدا وغير محسوم فيه، فقد ندخل في المستنقع القضائي وهذا ليس بجديد في تاريخ أمريكا، وليس ببعيد ما فعله ترامب في الإنتخابات الرئاسية الماضية أمام منافسته هيلاري كلينتون التي سجلت أكبر عدد من ترامب. وتم تجنيد ترسانة من المحاميين يشتغلون لحساب ترامب ووضعوا لمساتهم في المحاكم، ليؤدي المشهد السياسي في الأخير إلى إنتصار ترامب بقرار قضائي وليس بقرار ديمقراطي.

وهذا هو الغريب و الخطير في أمريكا، خاصة أننا نعرف بان البلد يعيش أزمات خانقة، صحية، إقتصادية، إجتماعية، بسبب سياسة ترامب أمام إرتفاع الصدامات العرقية والعنصرية وكل هذه الأشياء قد تؤدي إلى انفجار أمريكا من الداخل ودخولها في أزمتين إجتماعية وسياسية خانقتين.

ولكن القضاء لا يمكنه أن يحسم إلا إذا كانت فوارق ضئيلة جدا أو عمليات من الغش و هذا الشيء الأخير يستبعده المواطن الأمريكي، لأن الأمر يتعلق بانتخابات رئاسية و ليس مشاكل قضائية.

• ما هي السيناريوهات المرتقبة؟ وما هي تداعيات هذه الإنتخابات إقليميا على كافة دول العالم؟

كما قلت سابقا، السيناريو الأكثر توقعا، إفراز الرئيس الأمريكي من صناديق الإقتراع وليس من المحكمة العليا، لأن الجميع يعلم بأن جل القضاة هم من اليمين المحافظ. والخطر أن يمنحوا الانتصار لترامب لأسباب إيديولوجية وليست ديمقراطية، ولكن كما نعرف أن أمريكا دولة ديمقراطية وفلا يمكنها القيام بذلك.

أما فيما يخص التداعيات أو المخرجات فستكون جد مهمة لأن الإختلاف شاسع بين برنامج ترامب وبايدن، أهمها إلتزام بايدن بإعادة النظر في معاهدة باريس للمناخ والخروج من الحماية الجمركية وإعادة المفاوضات مع الملف النووي الخاص بإيران مع ضخ كميات كبيرة من المال لإنقاذ الإقتصاد الأمريكي بفرض ضرائب كبيرة على الطبقات المتوسطة والأغنياء، وربما سن قرانين أخرى أيضا للحد من ظاهرة العنصرية.

وبالنسبة على المستوى العالمي، فالديمقراطيون يستعملون “لوجيسيال” سياسي مخالف يرتكز على الحوار وفتح المفاوضات في ملفات ساخنة داخل الشرق الأوسط مثلا بداية بفتح ملف إيران وصولا إلى القضايا الأخرى المتعلقة بكوريا.

وعن الإستيراتجية المحضة فالديمقراطيون يرتكزون على قراءة أخرى ترغب في إعادة بناء أمريكا من جديد بعد إفراغها من محتواها الصناعي ببناء مجتمع أكثر تضامنا مع التقليل من حدة العنصرية. تبقى الخطوط العريضة فيما يخص الوجود الأمريكي كقوة إقتصادية وعسكرية، فهناك إجماع بين الديمقراطيين والجمهوريين على دور الريادة الأمريكية. ثم لا يجب أن ننسى أن النظام الأمريكي ليس كالنظام الفرنسي، حيث يقرر الرئيس كل شيء.

فهناك مجلس الشيوخ ومجلس النواب بقوة مضادة، هي التي تصنع القرارات، وبالتالي فالخريطة السياسية معقدة جدا داخل الولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن نسميها بنوع من حكومة تعايش بين اليمين واليسار. وتبقى بعض الإيجابيات التي قد تخص مكافحة فيروس كورونا والتقليل من التوتر في العالم أما على المستوى الدولي فأمريكا لديها إستمرارية في العقيدة الأمنية، السياسية، الإقتصادية والإستيراتجية، بعلاقاتها مع باقي دول العالم.

 

 

Leave A Comment