الأكاديمي المختص في البحوث و الدراسات الجيوستراتيجية بباريس،د. أحمد البرقاوي “تونس أمام حرب أهلية.. يا جزائر، يا عالم أنقذوا الشعب التونسي”

ودعت تونس عام 2022 بعيدا عن الهدوء السياسي الذي غيبته خيارات و قرارات مفصلية للرئيس، قيس سعيّد، منذ 25 جويلية 2021، من خلال إقراره إجراءات استثنائية، سعى عقبها الرئيس إلى تركيز مؤسسات نظامه الجديد عبر تصفية الهيئات القديمة التي نصبت بمقتضى دستور 2014 واستحداث أخرى جديدة.
وكان إجراء استشارة إلكترونية، تهدف إلى “إشراك المواطن في عملية التحول الديمقراطي في البلاد”، ثم حل المجلس الأعلى للقضاء وهيئة الانتخابات والبرلمان، فإحداث لجنة استشارية لصياغة الدستور، إلى غاية تنظيم حوار وطني وسن قانون انتخابي جديد وتركيز دستور جديد، لتنتهي بتنظيم انتخابات تشريعية في 17 ديسمبر وسط مقاطعة قياسية.

وفي آخر إجراءاته، أعلن قيس سعيّد، عشية حلول 2023، تمديد حالة الطوارئ في البلاد لشهر إضافي، على أن تنتهي في 30 جانفي الجاري.
وفي السياق ذاته، ناشد الأكاديمي المختص في البحوث والدراسات الجيوستراتيجية بباريس الدكتور أحمد البرقاوي، في حوار خص به ” ميديا ناو بلوس “، الجزائر والدول العربية وكذا المجتمع الدولي للتدخل في أقرب الآجال من أجل إنقاذ تونس و التخفيف من أزماتها الخانقة.
فالنسبة لمتحدثنا، لا يوجد أي خيار سوى الدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة أمام الرفض الشعبي الكبير لسياسات قيس سعيد.
وحذر الدكتور البرقاوي، من خطورة الوضع في تونس، وتأزمه.كما لم يخف قلقه من دخول تونس في فوضى قد تجر البلاد إلى سيناريو العشرية السوداء في الجزائر.
أما عن تفعيل حالة الطورارئ في البلاد وليس “تمديد” بحسبه، فترجم محدثنا، ذلك بالعملية الإستباقية لمنع خروج الشعب و المعارضة إلى الشارع في 14 جانفي المقبل، و هو ما وصفه بالقرار الخاطئ و الخيار السياسي المصر على الدخول في الإصطدام مع المعارضة و الشعب في آن واحد.

حاورته: نوال.ثابت / ميديا ناو بلوس

أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد عشية حلول العام الجديد، تمديد حالة الطوارئ في البلاد لشهر إضافي ، فماذا يعني هذا الاعلان في رأيكم؟

أعتقد أنها رسالة سياسية، موجهة للمعارضة التي أعلنت خروجها بكثافة يوم 14 جانفي القادم، لإسقاط الإنقلاب و إقالة رئيس الجمهورية.كما أعتقد أيضا أن قيس سعيد إستبق هذه الخطوة لتفعيل و ليس تمديد حالة الطوارئ، خشية من التحركات العديدة للمعارضة لاسيما ان هناك مؤشرات تشير إلى وجود شريحة كبيرة بدأت تلتف حول شعارات المعارضة في ظل الأزمات الخانقة، الإقتصادية ،الاجتماعية ، المالية والسياسية التي تعيشها تونس حاليًا.
وبالتالي في نظري، قام قيس سعيد و مستشاريه، بهذه العملية الإستباقية من أجل منع المعارضة والشعب التونسي من الخروج إلى الشارع للمطالبة بحاجياته.
كما تعلمون، سيدتي، لشهر جانفي، ميزة خاصة بالنسبة للتونسيين، ففي تاريخ 26 جانفي 1978 خرج الشعب التونسي إلى الشارع للمطالبة بتحسين وضعه المعيشي وذلك خلال عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.
ثم نزل إلى الشارع أيضا في جانفي 1984 من أجل المطالب نفسها، وسقط أنذاك ما يقارب 2000 ضحية.
و كان آخرها تاريخ 14 جانفي 2011، وهرب وقتها الرئيس الاسبق بن علي. إذن شهر جانفي يعد محطة هامة ضمن أجندة الإحتجاجات و التظاهرات للشعب التونسي، لذلك تم إستباق الإعلان لمنع التونسيين من الخروج إلى الشارع بكل بساطة.

كان آخرها تمديد حالة الطوارئ..كيف تاثرت تونس بقرارات سعيد في 2022؟

ليس فقط قرار تمديد أو تفعيل حالة الطوارئ، فأغلب القرارات التي أقرها قيس سعيد، يعتبرها الخبراء و المختصون خاصة في المجالين السياسي و الإقتصادي خاطئة جدا.أولا: عكر الأجواء في المجال السياسي و ثانيا: قسم الشعب التونسي على المستوى الإجتماعي، إلى غاية شل القطاع الإقتصادي حيث غادر الآن، المستثمرون الأجانب تونس، فيما ذعر رجال الأعمال من الإستثمار داخل البلاد خوفا من عقوبات قيس سعيد و إتهامهم بما يسميه الرئيس بالإحتكار.
نحن أمام ظاهرة جديدة، تتعلق برئيس يتدخل في الجزئيات الصغيرة و لا يعي ما يفعله للأسف الشديد.كما أنه لا يصغي لنداءات المجتمع الدولي، لا للدار الأمريكية و لا للإتحاد الأوروبي و لا لبعض الدول التي تحثه على الرجوع إلى الشرعية.
للأسف، مازال الرئيس قيس سعيد، مصرا على خياراته السياسية وهي الإصطدام مع المعارضة والشعب التونسي.

ما هي ترجمتكم لتقليل قيس سعيد من أهمية مقاطعة الانتخابات الاخيرة وتوجيهه التهم لمعارضيه؟

كان الرئيس سعيد، يعتقد أن محطة 17 ديسمبر، ستكون محطة مفصلية للتركيز و تنفيذ قراراته و مشروعه الذي يقتضي بأن يكون تاريخ 17 ديسمبر، الذي يصادف يوم أحرق فيه البوعزيزي، رحمه الله، نفسه، ضد غلاء المعيشة في تونس، كمرحلة جديدة للبلاد، بما أنه لا يعترف بتاريخ 14 جانفي، كمحطة ثورية في تونس.
فظن قيس سعيد، أن الشعب التونسي سينخرط في مشروعه الذي يشبه كثيرا، مشروع الراحل القذافي في ليبيا “الجماهرية العظيمة”. و كان يظن بأنه سينجح، لكن للأسف قاطعه أكثر من 90 في المئة من الشعب التونسي. و بالتالي كنا نعتقد أنه سيفهم الرسالة و ربما سيتحاور مع المعارضة لإخراج تونس من الأزمات التي تخنقها.لكننا صدمنا فعلا صدمنا و فهمنا أن الرئيس لا يسمع لأحد و لا يقرأ حتى الرسائل التي ضمنها الناخب التونسي الذي قاطعه خلال هذه الإنتخابات.

ما هي السيناريوهات المرتقبة في الأفق و ما هي ورقة المعارضة التونسية لمواجهة مرحلة ما بعد الانتخابات خاصة بعد اعتقال رئيس الحكومة السابق علي لعريض؟

بدأت المعارضة منذ بداية الإنقلاب في تاريخ 25 جويلية 2021، تتجمع. كان في الأول في حركة النهضة و نجيب الشابي يتيمين و كان أغلب الطيف السياسي مع قيس سعيد يوم 26 جويلية وكان يظن اغلب الخصوم لحركة النهضة الإسلامية أنه سمحت لهم اليوم الفرصة لإجهاضها و إقصائها من المشهد السياسي و ربما حتى محاكمتها.
و تغيرت المعادلة الآن و أصبحت المعارضة بنسبة 99.99 في المئة الآن ضد خيارات قيس سعيد. من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين ما عدا، النادر ، الوطد و حركة الشعب و أسطر على هؤلاء هم من يحيطون برئيس الدولة. للأسف، هم من يعطونه بعض الإستشارات المعادية للهوية الإسلامية و المعادية للثورة التونسية و المعادية للإنتقال الديمقراطي و للحريات العامة و أقولها بصريح العبارة.
و بالتالي المعارضة اليوم في موقع قوي و ليس في موقع ضعف.بدليل أنه بدأت عمليات إعتقال بعض الشخصيات من بينهم رئيس الحكومة السابق علي العريض. هذا الأخير كان وزيرا سابقا للداخلية خلال قيام الثورة التونسية و لكنه لم يعتقل أحدا.و كان في إستطاعته أن يوقف ناشطو أقصى اليسار الإستئصالي لكنه لم يقم بذلك، إيمانا منه بعقيدة أنه لابد أن نتعلم و نتدرج في مجال الحريات و الإنتقال الديمقراطي.
حركة النهضة،،سيدتي الكريمة، التي يعاديها اليسار الإستئصالي في تونس هي حركة تؤمن بمبادئ الحرية وبقيم الديمقراطية مثلها، مثل، الأطياف السياسية الأخرى.و بالتالي فإعتقال رئيس الحكومة السابق، يعد رسالة فاشلة و خاطئة، تبرر فشلهم الذريع، في إنقاذ تونس في هذه المرحلة بالذات.
ضف إلى ذلك إحالة بعض القيادات لجبهة الخراصة، التي يترأسها، نجيب الشابي و رضا بلحاج و العياشي الهمامي ثلاثتهم يمثلون أمام القضاء من أجل الإنتماء إلى منظمة إرهابية تشمل قيادات إرهابية، و هم يعنون بذلك: حركة النهضة.

و أصبح الوضع جد مترديا في تونس كما أن هناك ضبابية في المشهد و لا بد أن تمضي الشخصيات الوطنية و التكتلات السياسية في إقالة هذا الرئيس.

هل هذا هو الحل الوحيد في نظركم من أجل إنقاذ تونس؟
أتوجه بنداء عاجل إلى الشقيقة الجزائر، الوطن العربي الثوري، الإتحاد الأوروبي و إلى الإدارة الأمريكية، أن تسعى إلى إنقاذ تونس. كما يجب دعوة كل الأطراف الوطنية إلى الجلوس إلى طاولة الحوار، للمضي نحو إقالة هذا الرئيس و تنظيم إنتخابات مبكرة رئاسية أولا ثم تشريعية مع إرساء حكومة إنقاذ وطنية في أسرع الآجال و إلا ستمضي تونس إلى فوضى و قد تدفعها فيما ذلك إلى الدخول في حرب أهلية تتحول إلى عشرية سوداء مثلما حدث في الجزائر.

حاورته نوال.ثابت/ ميديا ناو بلوس

اترك تعليقا